سورة الصف - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الصف)


        


{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7)}
{وَمَنْ أظْلَمُ ممَّن افْتَرَى عَلَى اللَّهَ الكَذبَ وَهُوَ يُدْعَى إلَى الاسْلاَم} أي أي الناس أشد ظلمًا ممن يدعي إلى الإسلام الذي يوصله إلى سعادة الدارين فيضع موضع الإجابة الافتراء على الله عز وجل بتكذيب رسوله وتسمية آياته سحرًا فإن الافتراء على الله تعالى يعم نفي الثابت وإثبات المنفى أي لا أظلم من ذلك، والمراد أنه أظلم من كل ظالم، وقرأ طلحة {يدعي} مضارع ادعى مبنيًا للفاعل وهو ضميره تعالى، و{يدعي} عنى يدعو يقال: دعاه وادعاه نحو لمسه والتمسه، وقيل: الفاعل ضمير المفتري، وادعى يتعدى بنفسه إلى المفعول به لكنه لما ضمن معنى الانتماء والانتساب عدي بإلى أي وهو ينتسب إلى الإسلام مدعيًا أنه مسلم وليس بذاك، وعنه {يدعي} مضارع ادعى أيضًا لكنه مبني للمفعول، ومعناه كما سبق، والآية فيمن كذب من هذه الأمة على ما يقتضيه ما بعد، وهي إن كانت في بني إسرائيل الذين جاءهم عيسى عليه السلام ففيها تأييد لمن ذهب إلى عدم اختصاص الإسلام بالدين الحق الذي جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم.
{وَاللَّهُ لاَ يَهْدي القَوْمَ الظالمين} أي لا يرشدهم إلى ما فيه فلاحهم لسوء استعدادهم وعدم توجههم إليه.


{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)}
{يُريدُونَ ليُطْفئُوا نُورَ الله بأفْوَاههمْ} تمثيل لحالهم في اجتهادهم في إبطال الحق بحالة من ينفخ الشمس بفيه ليطفئها تهكمًا وسخرية بهم كما تقول الناس: هو يطفىء عين الشمس، وذهب بعض الأجلة إلى أن المراد بنور الله دينه تعالى الحق كما روي عن السدى على سبيل الاستعارة التصريحية، وكذا في قوله سبحانه: {وَاللَّهَ مُتمُّ نُوره} و{متم} تجريد، وفي قوله تعالى: {بأفواههم} تورية، وعن ابن عباس. وابن زيد يريدون إبطال القرآن وتكذيبه بالقول، وقال ابن بحر: يريدون إبطال حجج الله تعالى بتكذيبهم، وقال الضحاك: يريدون هلاك الرسول صلى الله عليه وسلم بالأراجيف، وقيل: يريدون إبطال شأن النبي صلى الله عليه وسلم وإخفاء ظهوره بكلامهم وأكاذيبهم، فقد روي عن ابن عباس أن الوحي أبطأ أربعين يومًا فقال كعب بن الأشرف: يا معشر يهود أبشروا أطفأ الله تعالى نور محمد فيما كان ينزل عليه، وما كان ليتم نوره فحزن الرسول صلى الله عليه وسلم فنزلت {يريدون} إلى آخره، وفي {يريدون ليطفئوا} مذاهب: أحدها أن اللام زائدة والفعل منصوب بأن مقدرة بعدها، وزيدت لتأكيد معنى الإرادة لما في لام العلة من الاشعار بالإرادة والقصد كما زيدت اللام في: لا أبالك لتأكيد معنى الإضافة؛ ثانيها أنها غير زائدة للتعليل، ومفعول {يريدون} محذوف أي يريدون الافتراء لأن يطفئوا، ثالثها أن الفعل أعني {يريدون} حال محل المصدر مبتدأ واللام للتعليل والمجرور بها خبر أي إرادتهم كائنة للاطفاء، والكلام نظير تسمع بالمعيدي خير من أن تراه من وجه، رابعها أن اللام مصدرية عنى أن من غير تقدير والمصدر مفعول به ويكثر ذلك بعد فعل الإرادة والأمر، خامسها أن {يريدون} منزل منزلة اللازم لتأويله بيوقعون الإرادة، قيل: وفيه مبالغة لجعل كل إرادة لهم للاطفاء وفيه كلام في «شرح المغني» وغيره.
وقرأ العربيان. ونافع. وأبو بكر. والحسن. وطلحة. والاعرج. وابن محيصن {متم} بالتنوين {نوره} بالنصب على المفعولية لمتم {وَلَوْ كَرهَ الكافرون} حال من المستكن في {متم} وفيه إشارة إلى أنه عز وجل متم ذلك إرغامًا لهم.


{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (9)}
{هُوَ الذي أَرْسَلَ رَسُولَهُ} محمدًا صلى الله عليه وسلم {بالْهُدَى} بالقرآن، أو بالمعجزة بجعل ذلك نفس الهدى مبالغة {وَدين الحَقِّ} والملة الحنيفية {ليُظْهرَهُ عَلَى الدين كُلِّه} ليعليه على جميع الأديان المخالفة له، ولقد أنجز الله عز وجل وعده حيث جعله بحيث لم يبق دين من الأديان إلا وهو مغلوب مقهور بدين الإسلام.
وعن مجاهد إذا نزل عيسى عليه السلام لم يكن في الأرض إلا دين الإسلام، ولا يضر في ذلك ما ورد من أنه يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه من الإسلام إلا اسمه إذ لا دلالة في الآية على الاستمرار، وقيل: المراد بالاظهار الاعلاء من حيث وضوح الأدلة وسطوع البراهين وذلك أمر مستمر أبدًا {وَلَوْ كَرهَ المُشْركُونَ} ذلك لما فيه من محض التوحيد وإبطال الشرك، وقرئ هو الذي أرسل نبيه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5